Kamal130

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    حار الياسمين زهرة مدينة نابلس

    avatar
    jafar azizi
    مراقب القسم العام


    ذكر
    عدد الرسائل : 310
    العمر : 29
    الموقع : emeal
    العمل/الترفيه : تاجر
    المزاج : تاجر
    تاريخ التسجيل : 08/07/2008

    حار الياسمين زهرة مدينة نابلس Empty حار الياسمين زهرة مدينة نابلس

    مُساهمة من طرف jafar azizi الخميس يوليو 17, 2008 11:04 am

    [url=http:في العام 1998 حظيت بدعوة من وزارة الثقافة الفلسطينية لمهرجان رام الله الأول، كان ذلك في صيف العام نفسه عندما انطلقت العربة باتجاه نابلس، وكان يجلس في المقعد الخلفي امرأة في العقد الخامس وفتاة في أواسط عقدها الثاني، ورجل مسن، يرتدي كوفية بيضاء مرقطة بالأسود ، وبيده قطعة قماش حمراء، كان حريصاً علي ضمها إلي صدره طوال الرحلة.


    الوجهة نابلس، هكذا استقبلت يومي الثالث في رام الله، لم أنم ليلتها كما ينبغي، كان صديقي الدكتور مجيد عوض يصرّ علي ملء الليلة، بحديث الذكريات، والتعليق بين قصة وأخري علي مقالب صديقنا عزت الراميني، وحدها رحلة نابلس، كانت تسيطر علي،… تري هل سأتمكن من السير في شوارع المدينة وحيداً، دون لقاء جنود الاحتلال؟ هل ثمة حواجز علي الطرقات، وهل سيكون بمقدوري تصوير المدينة من الداخل، رسم ملامحها، الحديث مع أهلها؟ كل هذه الأسئلة ظلت تلح علي، وأكثر منها، هواجس الطريق.
    العربة تسير بسرعة، وعلي أطراف الشارع، ثمة مرتفعات وسهوب، يعتريها الصمت، وقليل من أشجار الزيتون المنتشرة في الوديان، فجأة أطلت كتلة ضخمة من البنايات علي قمة الجبل، ملت إلي السائق الذي كنت أجلس بجانبه في المقعد الأمامي وسألت: هل هذه البنايات لفلسطينيين؟ أجاب بكثير من الغصة، انها مستعمرة، ثم أردف: الأخ ليس من نابلس! قلت: اتيت من عمان، أجاب: أهلاً وسهلاً، كيف أخبار عمان؟ لقد أقمت فيها لعشر سنوات مضت، قبل مجيء السلطة، وها أنذا كما تري أعمل سائقاً علي خط نابلس. كان الرجل يفرك أرنبة أنفه بين لحظة وأخري، يده علي المقود، وأصابعه تدندن علي وقع أغنية لفيروز، قلت: هل الطريق طويل؟… كم تبقي من الوقت؟ أجاب: ربع ساعة أو أقل وأضاف: هذه زيارتك الأولي لنابلس؟ قلت: نعم. ومضت العربة تطوي الشارع سيء التعبيد.
    كنت موزعاً بين فكرتين، الأولي حول المدينة، وهل سأتمكن من السير فيها وحيداً، دون أن أضل الطريق، أما الثانية، فهي فرحي الداخلي في لقاءٍ لطالما حلمتُ به، أوليست نابلس، حاملة عبق التاريخ وثالوث بلاد الشام، القدس، نابلس، دمشق.
    منذ العام 1992 وانا ارسم المدن التي احب، تقليد اخذته علي نفسي من زمان، بدأته بمدينة الفحيص الاردنية ثم السلط وصولا الي القدس في العام 2000 وهي محطة اعيد بها علاقتي بالطبيعة كمرجع وذريعة للتجريد الذي انتمي له واحبه، حيث اعيد بناء ما انكسر في علاقتي بالمرئي واترك وثيقة للمكان هي جزء من مهمتي كرسام كما اعتقد.
    هناك في العام 1996 عندما رسمت مدينة السلط، بحجارتها الذهبية التي قدت من جبال البلقاء، كان الكل يذكرني بالشبه الكبير بين نابلس والسلط، وكنت أحسُ في حجارة المدينة أن ثمة ما هو أكثر من الشبه المعماري، فأهل نابلس الذين هاجروا إلي السلط في مطلع القرن الماضي أو بعد النكبة الأولي، أصبحوا من أهلها بامتياز، يحتفظون أو هكذا جداتهم وأجدادهم بالعادات النابلسية القديمة، بنوا بيوتهم كما فعلوا في نابلس تماماً، بذات العقل المعماري المبدع والبدائي، وقد وجدوا في أهل السلط، أنصاراً حقيقيين، ضيقوا وحشة الجغرافيا وتواصلوا مع حقيقة التاريخ.
    العربة تقترب أكثر فأكثر… ونابلس تطل من بعيد، للوهلة الأولي ظننت أنني في السلط، فهذا الوادي الذي يفصل جبلي المدينة، هو ذات الوادي الذي يقسم السلط إلي قسمين.
    وهذه البيوت التي تصعد الجبل دون تعب، هي ذات البيوت التي ذكرتها الجدة المبدعة فدوي طوقان في كتابها، رحلة جبلية رحلة صعبة، اظنها كانت تشير الي وعورة مسيرتها ووعورة الجغرافيا، وهنا ايضا ارتفع صوت شاعر فلسطين ابراهيم طوقان بأنشودة موطني، وهنا كتب الثلاثاء الحمراء، سيرة محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي، وهنا مرت قوافل المدنية الاولي، فنابلس كما كتب المؤرخون، واحدة من اقدم المدن واكثرها تأثيراً في تاريخ المنطقة، وهنا كتبت بالدم سيرة جبل النار، وحكت قلعة الثوار اسرارها كي يمر الليل ويمنح العشاق يرغول الغناء، ومواويل الميجنا وزريف الطول. هنا حمل البناؤون، حجارة الوادي وارتقوا بها كي يرفعو اعمدة الحارات واقواس الممرات وقباب الساحات، وهنا عقدوا الدبكات ولوحت الصبايا بالمناديل، هنا كانوا وهنا يبقون، ان جاعت يطعمونها لحم صدورهم ويسوقون الغيم من ابطه كي لا تعطش.
    توقفت العربة في محطة الباصات،… الوجوه ذاتها وهي التي اعرف من عمان اللباس، الأطفال.. كل شيء بدا لي مألوفاً، وقفت للحظات، أتأمل جبلي عيبال وجرزيم، قلت: يا الله، ما أجمل هذه البيوت التي تعانق السماء، تماماً، ذات العبارة، هذا ما قلته في زيارتي الأولي للسلط.
    سرت بحذرٍ أول الأمر، ثم توقفت أمام كوخ صغير علي حافة الشارع، بحثت في جيبي عن عملة أردنية، قلت لبائع الماء والشاي: هل هذه تصلح للشراء؟ أجاب بسرعة: طبعاً، تناولت زجاجة ماء بارد وذهبت.
    تري من أين أبدأ، التبس علي الأمر، اخترت حارة قديمة، بيوتها مزينة بالأقواس، كانت الأزقة تستدرجني شيئاً فشيئاً، استسلمت للظلال التي ارخت خيوطها الهادئة علي أرض معبدة بالاسمنت، الممرات تعبق برائحة الياسمين، القباب التي تظلل الممرات، الأبواب التي تتقابل في ذات الزقاق، كأنها بيت العائلة، أبواب هنا وأبواب هناك، انعطفت إلي اليمين، وكنت تائه الخطي، هل أدخل هذه الحارة المعتمة، أم استمر بالسير في الزقاق المضيء؟ قلت لنفسي: لأجرب هذا الطريق الضيق المعتم، عله يفضي إلي بيوت قديمة أخري.
    يا الله، وجدت ضالتي،… أنا في المكان الذي أعشق، طفل صغير في العاشرة أو أكثر بقليل، يرتدي بلوزه حمراء، كتب عليها اسم ماركة تجارية عالمية (Levis)، يرتدي بنطالاً داكن اللون، وحذاء رياضياً لم يربطه جيداً، ملامحه جميلة، وشعره القصير مائل للشقرة، كان يتبعني دون أن أشعر، انتبهت إليه، توقفت وسألته عن هذه الحارة العجيبة، قال بنباهة الطفل الجريء والذكي معاً: هذه حارة الياسمينة،… إذاً أنا في حارة الياسمينة ، وبقي هذا الطفل يتبعني، ثم تبادلت معه بعض العبارات، حول بيته وأهله، كان يجيب دون تحفظ..
    الآن صرت أكثر جرأة علي دخول الممرات وأقواس البيوت التي تفضي جميعها إلي ساحات ضيقة، تفصل عائلة عن أخري، أصبح معي الآن، صديقي الصغير، جهاد، … لا أذكر اسمه بالضبط ولكنه علي الأغلب، جهاد، فقد كان اسمه مشتقاً من عبارات النضال والكفاح.
    مرت سنوات عشر علي لقائي به للمرة الأولي، يجتاحني السؤال الآن حول مصيره، تري أين انت يا جهاد، هل ما زلت تجوب حارة الياسمينة ، وانت الان شاب في العشرين أو أكثر بقليل، أم دهمك العدو وأنت في الزقاق، في أتون الانتفاضة الثانية؟ أصرت أسيراً، في اقبيته الباردة؟ ربما جريحاً، او شهيداً؟ مصيرك مفتوح علي مصراعيه، او قد تكون الآن منفياً خارج وطنك.
    هاانذا ارسم الحارات التي جبناها معاً، الوان الظلال التي وقفنا تحتها، كنا نلوذ بها من وطأة الشمس الحارقة ونستعير منها لغة الياسمين ونتفيأ باغصان النارنج، هل تذكر يا جهاد كيف تحلق حولنا الصبية كي نلتقط لهم الصور، وكيف دعانا الرجل المسن الي بيت دمره الزلزال قبل الف عام، تناولنا معاً الشاي وحدثنا الشيخ عن ذكريات الانتفاضة الاولي، هل تذكر؟
    يستبد بي الشوق، إليك يا جهاد، يا صغيري الذي قادني ذات صباح إلي مشارف الياسمين، وظلال البيوت الحنونة.
    خطوة خطوتان ونعبر الممر المعتم، تاخذنا الطريق الضيقة الي درج يفضي الي بوابة بقوس وجدار تتناسل من جوفه النباتات وبقايا الاغصان الصفراء وجدار قديم كتب عليه بعض عبارات الحب واثار لملصق قديم يحمل صورة شهيد. في الزقاق المفضي الي شارع السوق، بدت لي الالوان والبضائع المنتشرة علي ابواب المحال التجارية، ساحة كرنفال، الكنافة النابلسية ويافطة كتب عليها مطعم العكر، قلت لنفسي: ليس من الحكمة ان ازور نابلس ولا اتناول الكنافة، دلفت الي المطعم ووقفت في زاوية تمكنني من متابعة المشهد كاملاً.
    من الداخل راقبت وجوه الناس وعلي مسافة قريبة كان يطل برج الساعة، سرت اليه بخطاً وئيدة، ثمة حراس يرتدون زي الشرطة الفلسطينية، بعد ان القيت التحية، قلت للشرطي: هل من الممكن الصعود الي هذا البرج؟ اتمني ان التقط صورة للمدينة من هناك، واشرت بيدي الي الطابق العلوي، تلكأ بالرد، تبادل النظرات مع زميله وسألني: هل انت صحفي؟ قلت: لا، انا رسام، من مخيم الوحدات، ابتسم وسمح لي بالصعود.
    يا الله، من بني كل هذه البيوت الجميلة، ومن زرع هذا الياسمين الذي يطوق الأبواب والجدران، يتصاعد رويداً رويداً، حتي يصل الشرفات، في الطوابق العلوية؟ انه جدي القديم، ذات الجد الذي كان يسافر فجراً إلي الشام، حاملاً بضائعه وزوادة الطريق، كي يعود مسرعاً في اليوم التالي، محملاً بالحلاوة الدمشقية وشتلات النارنج والليمون،… كنت حريصاً جداً علي توثيق كل ما رأيت، البيوت، الشوارع، الأزقة، القباب، وكنت حريصاً أيضاً علي حفظها في عيني وقلبي، عندما أعود لعمان سوف أرسم كل ما رأيت، وها أنذا قد عدت.. مرت سنوات طويلة، قبل أن أفتح علبة الذكريات، واقلِّب صور ورسومات نابلس، وتلك الحارة التي امتدت إليها يد العدو الصهيوني بالتدمير في الانتفاضة الثانية، لقد ظلت عصية علي دوريات الاحتلال، بازقتها الضيقة ولم تمنح بواباتها للجنود، يحرسها الشباب في الليل وفي النهار يغلقون مداخلها بالحجارة والطوب، كانت الحارة لعنتهم وياسمينها عدوهم اللدود.
    مرت أعوام عشرة علي زيارتي لنابلس، وذات مساء عماني ومن شرفة بيتي المطلة علي صحن المدينة، كنت أحدث صديق طفولتي وابن مخيمي، ناصر عبدالكريم حول تلك الرحلة، وعن حلمي برسم ما رأيت، وحفظه للتاريخ، لم يعلق صاحبي في ذات الليلة، لكنه ظل يفكر في الأمر، استسلم كما فعلت، لحلم جميل،.. الحارة تنهض من دمارها وتنفض عنها غبار القذائف التي طالت مسجدها القديم، وياسمين بيوتها الأزلي، لم يعلق يومها، فقط هاتفني في صباح اليوم التالي، وقال: لماذا لا ترسم نابلس، ولماذا لا تبدأ اليوم بتوثيق ما رأيت وما تعرض للهدم والدمار؟ قلت، هل تعتقد ذلك؟ هل الوقت مناسب؟… قال: الوقت مناسب دائماً للعمل من أجل فلسطين، أنت منذ اليوم، رهن الياسمين.
    بهذه العبارة، وجدتني أعبر نابلس، تعبرني الحارة، تملأ قلبي ووقتي، لأقدم لصديقي ناصر، عنوان محبة، وهو زارع الياسمين كما أحب أن أسميه، وللحارة درة نابلس وحاملة أسرارها، وأسرار أهلها الطيبين، الذين ما زالوا يسقون بدمهم شتلات الياسمين لتظل تتعربش علي مداخل بيوتهم وتحفظ لهم ولجدي، ذكريات رحلة الشام الصباحية، حكاية جبل النار.
    فنان تشكيلي من الاردن

    https://servimg.com/view/12697080/4]حار الياسمين زهرة مدينة نابلس 30m1610[/url]
    avatar
    jafar azizi
    مراقب القسم العام


    ذكر
    عدد الرسائل : 310
    العمر : 29
    الموقع : emeal
    العمل/الترفيه : تاجر
    المزاج : تاجر
    تاريخ التسجيل : 08/07/2008

    حار الياسمين زهرة مدينة نابلس Empty رد: حار الياسمين زهرة مدينة نابلس

    مُساهمة من طرف jafar azizi الخميس يوليو 17, 2008 11:06 am

    ما اجملكي يا نابلس
    avatar
    Bojan
    مدير عام
    مدير عام


    ذكر
    عدد الرسائل : 425
    تاريخ التسجيل : 22/06/2008

    حار الياسمين زهرة مدينة نابلس Empty رد: حار الياسمين زهرة مدينة نابلس

    مُساهمة من طرف Bojan الجمعة يوليو 18, 2008 1:32 am

    هادي الصورة بعطيكـ عليها علامة كاملة خخخخخخخخ



    والله حلوة ..
    avatar
    jafar azizi
    مراقب القسم العام


    ذكر
    عدد الرسائل : 310
    العمر : 29
    الموقع : emeal
    العمل/الترفيه : تاجر
    المزاج : تاجر
    تاريخ التسجيل : 08/07/2008

    حار الياسمين زهرة مدينة نابلس Empty رد: حار الياسمين زهرة مدينة نابلس

    مُساهمة من طرف jafar azizi الأحد يوليو 20, 2008 2:38 am

    اه والله بستاهل ميت علامة كاملة

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 3:47 am